(شاري إنفو)
كتب : سعيد أبكر أحمد
جدّدتِ الشّعوب الإفريقية ارتباطها بالقدس والمسجد الأقصى في أحداث طوفان الأقصى، وهي المواجهة التي بدأت يوم 7 أكتوبر الماضي بين حُماة القضيّة الفلسطينية والكيان الصهيوني، ولا تزال رحاها تدور إلى اليوم. وقد برهنتِ الشعوب الإفريقية على عدالة القضية وأحقّيّة سُكّان فلسطين بهذه الرُّقعة التاريخية المُهمّة التي توارثها المسلمون جيلاً عن جيل. ولعلّ الهجرة التي حدثت أيام الخلافة العثمانيّة (عام 1915م) تؤكِّد أنّ شعوب إفريقيا فَقِهَتْ معنى الرِّباط الإسلامي، فهاجرت أُسر من غرب إفريقيا ووسطها إلى القدس، لتنعم بالقُرب من تلك المدينة المباركة التي كانت مسرى النبي صلّى الله عليه وسلم وحاضنة للتنوّع الديني والتسامح الإسلامي، وما زالتِ القدس هي البوصلةَ التي تحدِّد كفاءة أيِّ قوَّة في العالم.
هل القدس عربيّة؟
لعلّ أحد أكثر التساؤلات التي طُرِحت منذ مطلع القرن الحادي والعشرين وإبّان اقتحام شارون للمسجد الأقصى، سؤالُ التلازم بين القضية الفلسطينية العادلة والعروبة، وحاولت مؤسّسات عدّة أن تنفي تلازم الإسلام والقضية الفلسطينية، والتركيزَ على القدس بوصفها قضيّةً للعرب فحسب. ذلك الربط بمكوِّن عرقيّ لا يكاد يمثِّل 10% من سُكّان العالم الإسلامي يجانب الصّواب، رُبّما جاء الربط لأنّ فلسطين تقع وَسَطَ دولٍ عربية، فإنّه لا خلاف في أن تكون القدس إسلاميةً عربية أو عربيةً إسلامية.
لماذا يركِّز البعض على المُسمَّيَات ولا يركِّز على الجوهر والهدف؟ جوهر القضية العادلة يدفعك إلى مواصلة تأييدك وثبات موقفك. وإن قالوا إنّ القدس قضيةٌ عربية فإنّنا سنقول نحن معكم حتى الرَّمَق الأخير وسندافع بأقلامنا ونصدح بحناجرنا أنّكم على حقّ، والوقوف معكم وعدم خذلانكم هو أيسر ما نقدِّمه. يحاول الخطاب المتصهين المعاصر تشتيت حنايا المسلمين كي لا تكون هناك رأفةٌ بيننا، وأعجب أشدَّ العجب من الأصوات التي تنادي بالتركيز على القضايا الوطنية وإهمال قضايا الأُمّة. أليستِ القدس هي أُمَّ الملاحم والقضايا، والمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى سائره بالسَّهَر والحمى؟
القدس من زاوية تشادية
قرأت معظم دواوين الشعراء التشاديين ولم أقف على شاعرٍ واحدٍ لم يتطرّق للمسجد الأقصى أو يقف على أطلاله، وقد أبدع الشاعر حسب الله مهدي فضلة حينما قال:
إذا ما القدس أثخنها جراح فمن دمها تجود لها تشـــادُ
وقد أفرد الشاعر التشادي الكبير عيسى عبد الله محمد فضل رثائيّة في ديوانه (باقة من لباقة) في الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، استفتحها بقوله:
أخا الرنتيسي هَيّا له إن تصدق أُخَيَّا
فكن حرّاً ألمعيّاً وراعِ الله العلِيَّا
صريعاً تُرفعْ وحيّا إلى ما فوق الثُرَيَّا
ولم يكتف عيسى بقصيدة واحدةٍ عن القدس وحماتها، بل أشهر في كل حادثة قلمه ليعبر عن القضية العادلة، وعن كيفية خلع الواحد كلَّ رداءٍ والانتصار لفلسطين.
ما فلسطين التي يهوون أرضاً عندهم بل إنّها مغزى المغازي
تلك فتوى الإغتصاب الفظِّ جاءت ضمن آليَّات فنِّ الإبتزاز
ومن أجمل الإشراقات التي تناولتِ القدس بأسلوبٍ بديعٍ ورشيق ما سطره الشاعر محمود شريف، إذ استشرف منظراً جميلاً لعودة القدس.
وإذا رأيت القدس عاود مجده لرأيت أمراً زاهياً وتجمُّلا
عماّ قريبٍ سوف تشرق شمسُنا والفجر بالنَّصر المُبِين تكلَّلا
جهود مباركة وفعاليّات مستمرة
أنشئت عدّة جمعيّات ومؤسّسات تهتمّ بالقدس وتغرس قيمة القضية الفلسطينية في عقول الشباب، وما زالت الأنشطة مستمرَّةً والقدس مسؤوليتنا جميعاً، وكلُّنا يتشرّف بأن يكون من دعاة الحنين إلى الأقصى، والخطاب الشعبي التشادي منافح عن القدس.
نقلاً عن: مجلة ألواح – العدد الأوّل