شاب من ( آتيا البطحاء ) قادَ أوّل انقلاب عسكري في تشاد
تعرضَ تمبلباي في السابع والعشرين من أغسطس عام ١٩٧١ م لمحاولة انقلاب فاشلة يطلق الباحثون باللغة الفرنسية على هذه المحاولة الانقلابية بـ ( الانقلاب الليبي ) وقد استطاعت قوات عسكرية حصلت على دعم من معمر القذافي تدبير انقلاب عسكري في وقت مبكر من صباح الجمعة الموافق 27 أغسطس 1971.
طوق الانقلابيونَ مبنى الإذاعة الوطنية التشادية، والحي الدبلوماسي، ومعسكر القوات البرية، ومطار أنجمينا الدولي، والشوارع الرئيسية، لكنهم فشلوا في السيطرة على القصر الرئاسي وقيادة القوات المسلحة التشادية.
بعد مرور 12 ساعة استطاعت القوات المسلحة التشادية السيطرة على الوضع وتحرير مبنى الاذاعة الوطنية والحي الأوروبي، خرج الرئيس التشادي أنقارتا تمبلباي على الإذاعة الوطنية ليعلن في المساء قطع العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا، وأشار بأنه سيدعم أنصار الملك إدريس لتغيير نظام الحكم في طرابلس، كانت تشاد في المقابل تستقبل اللاجئين السياسيين الليبين الذين فروا من بطش القذافي بعد سقوط النظام الملكي، وفرضت أنجمينا الحظر الجوي على طرابلس،وطلب تمبلباي طرد جميع الليبيين في المناطق الشمالية من البلاد، ودعا إلى مجلس عسكري بقيادة رئيس الأركان الجنرال دمرو، استعجل القذافي عندما دعم الضباط المسلمين لتدبير انقلاب عسكري سربته المخابرات الفرنسية إلى الأمن الرئاسي الذي استطاع السيطرة على الوضع وتحييد العناصر الانقلابية واعتقال مدبر الانقلاب أحمد عبدالله.
من هو أحمد عبدالله ـ أول تشادي يقوم بانقلاب عسكري ؟
أحمد عبدالله من مواليد 1933 في آتيا ـ البطحاء، تلقى تعليمه الأولي في المدارس الدينية ثم انتقل إلى أنجمينا ودرس في المدرسة المركزية واحترف التجارة لفترة
وجيزة قبل الاستقلال.
حاز أحمد عبدالله على مقعد في البرلمان في ديسمبر 1962 وأسس جمعية المحاربين القدامى في تشاد من أجل الاهتمام بأوضاعهم ومساعدتهم في البرامج التقاعدية.
خسر أحمد عبدالله مقعده في البرلمان عام 1967 والتحق بالعمل الحكومي في هيئة الطيران المدني التشادي، وبنى علاقة جيدة مع إدارة المطار فكان يشرف بصورة مباشرة على الملاحة الجوية في الفترة من 1968 ـ 1971 .
تمكن أحمد عبدالله من صنع علاقة جيدة مع جبهة التحرير الوطني ( فرولينا) الذين تواصلوا معه وأخبروه بضرورة تنفيذ انقلاب عسكري بدعم من الرئيس الليبي معمر القذافي، ولكي يستغل خروج السياسيين الشماليين من السجن، فيشكل ورقة ضغط بتصفية الرئيس تمبلباي والاستفراد بالسلطة، لم يكن أحمد عبدالله شخصية عسكرية وإنما عمل كموظف حكومي في إدارة المطار، وتقرب إلى الضباط في الجيش التشادي عبر الجمعية التي أسسها للمحاربين القدامي.
فشلت المحاولة الانقلابية التي خطط لها في التاسع عشر من إبريل 1971 وتم الشروع في تنفيذها خلال شهر أغسطس حيث تستغل اللقاءات المتكررة لعقد احتفالات الاستقلال، قتل أكثر من 30 ضابطا عسكرياً تحالفوا مع أحمد عبدالله، وألقيَ القبض على مدبر الانقلاب ووجهت له مجموعة من التهم أبرزها الخيانة العظمى وتلقي أوامر خارجية لتغيير نظام الحكم.
استجوبَ أحمد عبدالله في مبنى جهاز الأمن التشادي، ومع تضاعف سياط التعذيب ليفشي أسماء الشخصيات المتواطئة معه، رفض الاجابة أو الإفصاح بطريقة تلقي الدعم، وذكر أي من الأسماء الشمالية المسلمة التي رغبت الحكومة التشادية بالانتقام منها، وفي نهاية المطاف قتل أحمد بعد تعرضه للتعذيب، وأعلنت وزارة الداخلية أنه مات نتيجة تعرضه لإصابة في الصدر أثناء المواجهة العسكرية بين القوات المسلحة التشادية والانقلابيين.
بعد هذه الحادثة فرضت الإقامة الجبرية على أحمد غلام الله، فلم يخرج من منفاه الإجباري حتى اغتيال تمبلياي .
في المقابل سمح القذافي لأنصار جبهة التحرير الوطنية ( فرولينا ) باستخدام الأراضي الليبية لتنفيذ العمليات العسكرية ضد نظام تمبلباي، ثم أراد القذافي أن يستميل الحكومة التشادية فطلب من الدول الإفريقية أن تجهز لقاء تصالحيا بينه وبين تمبلباي، التقى الرجلان عبر وساطة إفريقية وتعهد القذافي بالتوقف عن دعم الثورة التشادية، وسيجمع المعارضة المسلحة في طرابلس ويطلب منهم ترك الكفاح العسكري أو العودة إلى تشاد، كما قدمت ليبيا معونات اقتصادية وقرضا ماليا لدعم القطاع المالي والاقتصادي للحكومة التشادية، مقابل تقطع جمهورية تشاد علاقتها بدولة إسرائيل، وأن تحل أزمة الحدود التشادية الليبية
المراجع
كتاب العيش بجانب السلاح في تشاد – مارلي ديبوس
جذور العنف في تشاد – ماريو أزيفيدو
تشاد أمة تبحث عن مستقبلها – صامويل ديكالو
وثائق CIA عن تشاد عام ١٩٧٢
كتاب نثر الورد والياسمين على أيام وتاريخ التشاديين
المزيد
نوفمبر 14, 2024